بعد عقدين على إحداثها .. هل آن الأوان لتقييم الجامعات الخاصة؟

بالتزامن مع ورشة عمل خاصة لمناقشة مسودة قانون تحفيز البحث العلمي والتطوير التجريبي التي أقامتها الهيئة العليا للبحث العلمي خلال الأيام الماضية دعا مجموعة من أساتذة الجامعات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لعقد ورشة عمل لتقييم الجامعات الخاصة بعد عقدين من الزمن على إحداثها، بموجب المرسوم التشريعي رقم 36 لعام 2001 الخاص بتنظيم المؤسسات التعليمية الخاصة لمرحلة ما بعد الدراسة الثانوية والذي أجاز إحداث مؤسسات خاصة أو مشتركة تساهم مع الجامعات والمعاهد الحكومية في تقديم التعليم النوعي والمتميز وفى رفع مستوى التعليم العالي والبحث العلمي وزيادة فرص التعليم الجامعي وتلبية احتياجات التنمية الحالية والمستقبلية.

أصحاب الدعوة برروا مطلبهم العاجل بالإشارة إلى وجود ثغرات ومخالفات من العيار الثقيل تستدعي الوقوف عليها من أجل تصويب مسار الجامعات الخاصة لتكون رديفاً حقيقياً للتعليم الحكومي وذات قيمة مضافة بمخرجاته، وفق ما نص عليه مرسوم إحداثها.

مادي بحت!

وبرأي الأساتذة والطلبة أنه آن الأوان لإصلاح الخلل في الجامعات الخاصة، خاصة بعد ما ظهر أن هدفها مادي ، من خلال سعيها بشكل دائم لرفع الأقساط والرسوم، عدا عن حرصها على افتتاح الكليات ذات العائد الربحي الكبير ككلية الصيدلة على سبيل المثال لا الحصر، فاليوم يوجد أكثر من 20 كلية للصيدلة في الجامعات الخاصة، بينما لا تفكر الجامعات الخاصة بإحداث كليات تطبيقية ككلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية التي هي عصب التنمية في البلد حالياً ولاحقاً مع بدء مرحلة إعادة الاعمار!.

وهنا طالب أحد الأساتذة أن تعمل “التعليم العالي” على إجبار الجامعات الخاصة بافتتاح مثل تلك الكليات ذات الاختصاصات الهندسية الميكانيكية والكهربائية، من أجل خلق المنافسة مع الجامعات الحكومية لتقديم الأفضل بالتخصصات المطلوبة في سوق العمل.

موسوعة غينس

وعلق أستاذ جامعي على منبر “دكاترة الجامعات السورية” .. دخلنا موسوعة غينس للأرقام القياسية بأكبر عدد من خريجي الصيدلة في العالم وبأقل عدد من أعضاء الهيئة التدريسية من الصيادلة وهذه معادلة من الدرجة الأولى بمجهولين، متسائلاً: كيف استطعنا حلها؟”

مؤتمر وطني

وبالرغم من أهمية عملية التقييم وضرورتها القصوى بعد ترهل أداء بعض الجامعات الخاصة، لكن هناك من يرى أن وزارة التعليم قد تأخرت، وكان عليها أولاً أن تقيّم منظومة التعليم الحكومي التي تعاني من مشكلات عديدة بدءاً من طرق القبول مروراً بالمناهج وطرق التدريس والامتحانات وصولاً للمخرجات التي لم تعد تناسب احتياجات ومتطلبات سوق العمل، وتساءل أستاذ جامعي: كيف سنقيم التعليم الخاص والتعليم الجامعي الحكومي عليه الكثير من الملاحظات؟، فيما دعا آخرون من الأساتذة إلى ملتقى وطني للتطوير منظومة التعليم الجامعي بشقيه الحكومي والخاص حتى نرتقي بتعليمنا إلى أرقى المستويات ونحسّن من ترتيب جامعاتنا ومنافستها عالمياً.

النية موجودة!

من يتابع تصريحات المعنيين في وزارة التعليم العالي يجد أن النية موجودة في العمل على تقييم الجامعات الخاصة ومراقبة أدائها كما هو الحال في تقييم تجربة التعليم المفتوح، لكن المشكلة هي في البطء، رغم أهمية وضرورة التقييم بعد أن انخفض ترتيب جامعاتنا كثيراً على سلم الترتيب العالمي، ويبدو هذا التأخير مستغرباً في ظل وجود مديرية للجودة والاعتماد في الوزارة من مهامها الأولى الاهتمام بمستوى جودة وكفاءة التعليم خاصة في ظل تزايد عدد الجامعات الخاصة في سورية والبالغ عددها اليوم /22/ جامعة!

دور أكبر

وبرأي فايز اسطفان رئيس مكتب التعليم الخاص في المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية كان بإمكان التعليم العالي الخاص أن يكون بحالة أفضل، وكان بإمكانه تأدية دور أكبر على الصعيد المجتمعي، مشيراً إلى عوامل سلبية أثرت على أداء الجامعات الخاصة كوجود مقراتها في مناطق بعيدة عن مراكز المدن، وغياب المحال التجارية التي توفّر مستلزمات الطلبة الدراسية الأساسية المختلفة، وعدم توفّر الكثير من الحاجيات الأساسية ذات الجودة العالية، وصعوبة تأمين المستلزمات الأساسية من تجهيزات ومواد لزوم العملية التدريسية، مشيراً إلى معاناة الجامعات الخاصة خلال سنوات الحرب حيث اضطرت لترك مقراتها ومتابعة تدريسها في مقرات مؤقتة وذلك كان له تأثيراً كبيراً على العملية التدريسية.

ودعا عضو المكتب التنفيذي الجامعات الخاصة لاستثمار النقاط الإيجابية لتدعم عملها، فهي تستطيع اختيار الكادر الكفؤ، سواء في الإدارة، أو كأعضاء هيئة تدريسية، فهناك طاقات علمية وإدارية وخبرة كافية، ويدعم ذلك وجود إقبال متزايد على التعليم العالي الخاص، وبغضّ النظر عن الأسباب، يشكّل عاملَ قوّة ومحرّكَ دفعٍ للأمام للجامعات الخاصة، حيث يوفّر السيولة ولو نسبياً للعمل، يضاف إلى ذلك المرونة التي من المفترض أن القطاع الجامعي الخاص يتمتّع بها، حيث تغيب فيه أمور الروتين والبيروقراطية وتعقيدات القوانين على قِدمها، مع العلم أن غياب هذه المرونة، يشكّل قوّة شدٍّ معاكسة وعامل فشل.

وبيّن اسطفان أن أكثر العوامل الإيجابية التي تدعم الجامعات الخاصة هو التعاون الكبير الذي تبديه الجامعات الحكومية من حيث إعارة الكادر التدريسي وتقديم التسهيلات والمخابر لطلّاب الجامعات الخاصة، والذي ساعد على تأمين متطلّبات العملية التدريسية فيها.

التعاون مطلوب

إن التعاون بين مجموعة المستفيدين من التعليم العالي الخاص (الدولة، الطلبة، الكادر التدريسي والإداري وأصحاب النشاط الاقتصادي التجاري والصناعي والزراعي) يمكن أن يساعد في المساهمة بدفع الوضع الاقتصادي إلى الأمام، وسأل “اسطفان”: ما الذي يمنع من ترتيب تعاون بين الصناعيين والتجّار وأصحاب المهن من جهة، والجامعات الخاصّة من جهة أخرى؟ حيث يمكن أن يتمَّ البحث عن حلول من خلال مشروعات تكون طلابية، وفي الوقت نفسه هي مشكلات لدى الصناعيين أو/ التجار، وهذا محور يمكن أن يمتدّ بعيداً، ويعود بالفائدة على كلّ الأطراف، ومن الطبيعي أن ترافق ذلك مشكلات وصعوبات، لكن الجامعات في دول العالم هي المراكز التي تحلّ فيها تلك المشكلات، وتُذلّل فيها أي صعوبات، لافتاً إلى أهمية أن يختار الطلبة عناوين مشروعات التخرّج من مشكلات تواجه أصحاب النشاط التجاري أو الصناعي، وبذلك يمكن أن نعزز دور الجامعات الخاصة في المجتمع وحل مشكلاته.

تصنيف

بحسب وزارة التعليم العالي والبحث العلمي يوجد في سورية /22/ جامعة خاصة هي: جامعة القلمون، جامعة قرطبة، جامعة الإتحاد، الجامعة العربية الدولية، الجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا، الجامعة السورية، جامعة الوادي الدولية، جامعة الأندلس للعلوم الطبية، جامعة الجزيرة، جامعة الحواش، جامعة إيبلا، جامعة الشھباء، جامعة اليرموك، الجامعة العربية للعلوم والتكنولوجيا، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، الجامعة الوطنية، جامعة بلاد الشام للعلوم الشرعية، جامعة الرشيد الدولية للعلوم والتكنولوجيا، جامعة قاسيون للعلوم والتكنولوجيا، جامعة الشام، جامعة المنارة، الأكاديمية العربية للأعمال الإلكترونية، جامعة أنطاكية السورية.

يذكر أن أفضل الجامعات السورية الخاصة لعام 2021 وفق تصنيف موقع ويبومتريكس هي: الجامعة العربية الدولية (AIU) الجامعة السورية الخاصة (SPU) جامعة القلمون الخاصة.

البعث الأسبوعية | غسان فطوم

http://newspaper.albaathmedia.sy/2022/08/24/بعد-عقدين-على-إحداثها-هل-آن-الأوان-لتق/