رغم كل الملاحظات والمآخذ على أداء الجامعات الخاصة لكنها تبقى رديفاً للتعليم الحكومي، ويقدم بعضها مخرجات ذات مستوى جيد يمكن أن يساهم بفعالية في عملية التنمية، لكن طلاب هذه الجامعات لديهم اليوم العديد من المطالب المشروعة والكثير من الشكاوى التي طال انتظار تحقيقها وحلها، متهمين إدارات الجامعات ووزارة التعليم العالي بالتسويف والمماطلة، علماً أن تلك المطالب لو تحققت والشكاوى لو حلت بوقتها سترفع من سوية الخريجين، وبالنتيجة سوية الجامعات.
أهم المطالب
يرى طلبة الجامعات الخاصة أن افتتاح دراسات عليا مطلب طال انتظاره كثيراً رغم الوعود التي أطلقت من اتحاد الطلبة ووزارة التعليم العالي، الأمر الذي يدفع بالطلبة لإكمال تحصيلهم العلمي في الخارج، ما يؤدي إلى هجرة الكفاءات الشابة، عدا عن خروج القطع النقدي الذي يمكن أن يرفد خزينة الدولة، وبالنتيجة يخسر الطالب والوطن، متسائلين ما الذي يمنع من افتتاح دراسات عليا في الجامعات الخاصة؟
ويضيفون: نريد الإنصاف بمقاعد الدراسات العليا مع طلاب الجامعات الحكومية بغض النظر عن قلة عدد المقاعد المخصصة للجامعات الخاصة، وهناك من طالب، أو اقترح، إحداث ماجستيرات تأهيل وتخصص في الجامعات الخاصة لتطوير الوضع المهني والعلمي.
غياب وتسجيل إلكتروني!
وفي ظل أزمة المواصلات الناجمة عن شح المحروقات التي أثرت بالنتيجة على الحضور، يقترح الطلبة رفع نسبة الغياب من ١٥% إلى ٣٠%، فليس عدلاً أن يحرم الطالب من تقديم المادة التي يزيد غيابه فيها عن النسبة المحددة، وحال البلد يعرفه المعنيون في الجامعات لجهة نقص المحروقات!
وشكا الطلبة من مشاكل التسجيل الالكتروني في أغلب الجامعات, وحسب قولهم، يتم استهلاك أسبوع دراسي كامل من الأسابيع الـ ١٦ لحل مشاكل التسجيل الالكتروني، وهي مشكلة موجودة في كل الجامعات.
همّ الامتحانات
يستمر اعتراض الطلبة على الامتحانات، وبعضهم يشير إلى غياب العدالة، مطالبين بقبول الاعتراض والمطالبة بإعادة التصحيح بما يتناسب مع رسم عادل أو إعادة نسخ من الأوراق الامتحانية إلى الطلبة وهي مصححة، وحسب شكواهم فإن هذا الإجراء جزء من عملية التعلم الجوهري يمكن من خلاله ضمان نزاهة التصحيح والعملية الامتحانية، والجزء الآخر تعليمي، حيث يمكن للطلبة أن يتعرفوا على أخطائهم التعليمية، وبذات الوقت يمكن أن يخفف ذلك العبء على الجامعة بعد انتهاء فترة الامتحانات بإتلاف الأوراق الامتحانية.
منهاج موحد
من جانب آخر، طالب طلبة الجامعات الخاصة بوضع منهاج موحد للامتحان الوطني، وهو مطلب قديم جديد لكن “لا حياة لمن تنادي”. وحسب قول الطلبة، فإن توحيد المنهاج يضع حداً للدورات الخاصة ذات الأجور العالية وعادة ما تكون من دون فائدة، وفق قول الطلبة، إضافة لعدم قدرة الطالب على مواكبة تغير المقررات ونماذج الامتحان على مدة الخمس سنوات، وبعضهم أشار إلى ما حدث من مشكلات كارثية في امتحان الصيدلة الأخير ومع ذلك لم يتم اتخاذ أي إجراء!!
ويشير الطلبة إلى أن الامتحان الوطني ليس عادلاً لأنه يضيع جهد سنوات الطالب على مدى خمسة سنوات، مطالبين بإعادة تصويبه بما يحقق الغرض والغاية منه.
زيادة فرص للماجستير
وطالب عدد من الطلبة بوضع خطط بديلة للاختصاص في الكليات الطبية تكون على حساب وزارة التعليم العالي وليس على حساب الصحة.
هذه الخطط لا تعتمد بالنمط الأول على مُعدل الوطني فقط كجامعات خاصة، بل يجب أن تحقق المساواة مع طلاب الجامعات الحكومية بأخذ 60٪ من المعدل الجامعي و40٪ للمعدل الوطني، بالإضافة إلى وضع خطة ثانِية للاختصاص.
وفيما يخص كلية التجميل التي كثرت حولها الإشاعات لجهة تبعيتها لنقابة التمريض، كان هناك مطالبة بتخصيص سنة سريرية خامسة من قبل وزارة التعليم العالي بالتعاون مع وزارة الصحة، وذلك للتدريب بشكل كامل وكاف لتنفيذ ما تعلموه وتطبيقه في ميدان العمل، وذلك بإشراف أخصائيي الجراحة التجميلية من الطب البشري وإتباعهم لنقابة الأطباء خصوصا في ظل ارتفاع أسعار المواد وضعف التدريب العملي خلال سنوات الدراسة.
مطالب أخرى
ومن المطالب الأخرى لطلبة الجامعات الخاصة: السماح لطلاب منح الجامعات الخاصة بالنقل من جامعة إلى أخرى وفق ضوابط محددة، وإلغاء إلزامية الحضور أسوة بالجامعات الحكومية التي تدرّس نفس المقررات، وإعطاء بدل سكن وموصلات لطلبة المنح، علماً أن هناك قرارا بذلك لكن إدارات الجامعات لا تعترف به، وكانت هناك مطالب بإزاحة جدول الامتحانات النهائية مدة أسبوع من اجل دراسة الفاقد التعليمي الذي يتراكم أثناء فترة المذاكرة الفصلية التي تستمر لحدود خمسة أسابيع عدا عن الامتحان العملي.
وعرض الطلبة لمشكلة تكسير العلامات بشكل مقصود من قبل الأساتذة، الأمر الذي يُضيّع على الطلبة فرصة إكمال تحصيلهم الدراسي بعد التخرج، كما شكوا من قلة فرص التدريب العملي في اختصاص الصيدلة، متسائلين: لماذا لا تتعاقد الجامعات مع مراكز أو شركات تدريب من أجل دعم الجانب النظري عند الطلبة وتمكينهم من المنهاج بشكل عملي فعال؟
ما رد المعنيين؟
هذا غيض من فيض ما يعانيه طلبة الجامعات الخاصة، بالإضافة غلى مطالب مشروعة ما تزال تتقاذفها الوعود التي طال انتظارها، فماذا يقول المعنيون؟
بالنسبة للوعود بافتتاح دراسات عليا بالجامعات الخاصة، بيّن فايز اسطفان، رئيس مكتب التعليم الخاص في المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لطلبة سورية، أنه لا يوجد ضمن الأنظمة والقوانين ما يمنع الجامعات الخاصة من افتتاح دراسات عليا لديها، لكن المشكلة تكمن بتحقيق هذه الجامعات للشروط المطلوبة من أجل افتتاح مرحلة الدراسات العليا، والشرط الأساسي فيها هو تحقيق عدد معين من تعاقدات أعضاء الهيئة التدريسية على ملاك الجامعة الخاصة، بحيث يستطيع عضو هيئة التدريس متابعة طالبه خلال فترة دراسته، لأن معظم أعضاء الهيئة التدريسية حالياً هم على ملاك الجامعات الحكومية، ومعارين جزئياً أو كلياً لفترات قصيرة ومحددة إلى الجامعات الخاصة، وبالتالي لا يوجد ثبات بالكادر التدريسي وهو متطلب أساسي لافتتاح الدراسات العليا، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن بعض الجامعات الخاصة تعمل على تحقيق هذا الشرط وشروط أخرى من أجل افتتاح مرحلة الدراسات العليا لديها.
الامتحان الوطني
وفيما يخص المطالبات بتصويب الامتحان الوطني الموحد كون البعض يعتبره ظالماً مقارنة بالجهد الذي يبذله الطالب خلال سنوات الدراسة ولا يؤخذ به، أوضح اسطفان أن المقصود هنا ليس تصويب الامتحان الوطني بحد ذاته، وإنما تصويب طريقة احتساب معدل تفاضل طالب الجامعة الخاصة لدى تقدمه لمفاضلة الدراسات العليا في الجامعات الحكومية، حيث أنها تعتمد منذ سنوات طويلة وحتى الآن على درجة الامتحان الوطني فقط مع إهمال معدل الطالب في الجامعة بشكل كامل، ولم ينفِ أن بذلك ظلم كبير لجهد الطالب خلال سنوات دراسته، مشيراً إلى أن الاتحاد يعمل على تعديل طريقة احتساب معدلات تفاضل الطلاب في الجامعات الخاصة لتكون أسوة بطلاب الجامعات الحكومية، لكن ذلك يحتاج لموافقة العديد من المجالس في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
هناك جامعات تماطل!
وفي رده على شكوى طلبة المنح الذين يشكون من الظلم لجهة المماطلة بمنحهم بدل السكن والمواصلات علماً انه يوجد قرارات تؤكد هذا الحق، لم ينفِ اسطفان أن هناك بعض الجامعات تماطل بمنح هذا البدل للطلبة المستحقين له، لافتاً إلى أن مكتب التعليم الخاص في الاتحاد يعمل مع فروع الاتحاد في الجامعات الخاصة لاستقبال كافة الشكاوي لمثل هذه الحالات ليصار إلى متابعتها وحلها بأسرع وقت، بالإضافة إلى العمل على إيجاد حل يمنع الجامعات من المماطلة بمنحه، عدا عن أن هناك مطالبة في بداية كل عام دراسي بزيادة قيمة هذا البدل وفق المتغيرات الحاصلة ، معرباً عن أمله أن تكون الزيادات في الأعوام القادمة أكبر من الزيادات الحالية بحيث تكون كافية للزملاء الطلبة المستحقين لهذه البدلات.
التساهل قدر الإمكان
وحول دور الاتحاد في تبني مقترح طلبة الجامعات الخاصة بتخفيف نسبة الحضور حتى لا يحرمون من تقديم المواد نتيجة ظروف البلد الحالية في ظل شح المحروقات، بيّن اسطفان أن الاتحاد يعمل مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإدارات الجامعات الخاصة على التساهل قدر الإمكان لجهة الحضور خلال الظروف الحالية وصولاً للحد الذي لا يؤثر سلباً على التحصيل العلمي للزملاء الطلبة.
وأكد اسطفان أن باقي المشكلات التي أثارها الطلبة هي موضع اهتمام ودراسة وبحث مع وزارة التعليم العالي وإدارات الجامعات ليصار إلى حلها.
بالمختصر، هذه المطالب قديمة جديدة، لكن للأسف يتم التسويف في حلها من قبل إدارات الجامعات مستغلين على ما يبدو ضعف إشراف وزارة التعليم العالي، علماً أنها تؤكد باستمرار أن الجامعات الخاصة دائماً تحت المجهر، ولكن الواقع الحقيقي يشير إلى عكس ذلك في ظل تراكم المشكلات والصعوبات!
البعث | غسان فطوم